تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي

​يتوجّه الكثير من المبادرين/ات وأصحاب/صاحبات المصالح إلينا بالسؤال - ما الذي يجدر بي القيام به الآن؟ ما الذي يجدر بي القيام به في الشهر/الأسبوع/اليوم/الساعة القريبة من أجل تطوير مصلحتي و/أو فكرتي؟ ما هي إجراءات البيع، الإعلان و/أو ترويج الماركة التجاريّة التي يجدر بي اتخاذها من أجل تطوير مصلحتي/منتجي/فكرتي؟

أولا، يجب فهم تعريف الاستراتيجيّة بشكل واضح - الاستراتيجيّة عبارة عن نمط، خطة متجانسة تحدّد أهداف وسياسة المصلحة (بغض النظر إذا كانت المصلحة تشمل شخصًا واحدًا أو عدّة أشخاص).
الاستراتيجيّة تحدد - ماذا، متى، وبأي طريقة وبأي اتجاه.
الاستراتيجيّة لا تحدّد كيفيّة القيام بذلك (النشاط اليومي).

ماراثون تجاري

عند الإجابة عن هذا السؤال، نتذكر سباق الماراثون. تخيّلوا أنكم قررتم المشاركة في سباق ماراثون (في حال كنتم تملكون اللياقة الكافية طبعًا...)، فأول ما تحتاجون إليه للانطلاق في الماراثون هو الاتجاه. وكيف يمكنكم تحديد الاتجاه بدون هدف؟ إن تحديد الهدف طويل الأمد للشركة هو أمر ضروريّ لبقاء المصلحة التجاريّة.

عندما نحدّد الأهداف المستقبليّة لمصلحتنا، يمكننا عندها ترجمة هذه الأهداف إلى أرقام اختباريّة. أي قابلة للقياس - تاريخ وهدف رقميّ واضح. مثلا: في تاريخ 1.4.2018، هدفنا هو العمل على أربعة مشاريع في نفس الوقت، ستة موظفين K300، الدورة وما إلى ذلك. يجب أن تكون هذه الأهداف واقعيّة من جهة، ومبتغاة من جهة أخرى.
إنّ توفّر أحد هذه العوامل فقط لن يضمن توفّر كامل الاستراتيجيّة الأكثر جدوى وفعاليّة. الهدف الواقعي فقط يقلل من إمكانيّات دخل المصلحة، والهدف المبتغى فقط قد يسبب الخيبة للمبادر وللمصلحة ممّا قد يؤدي إلى انهيارها.
إذا تمّ تقسيم هذه الأهداف بشكل سنويّ أو كل ثلاثة أشهر، سنتمكّن نحن كأصحاب مصالح من التمسّك والالتزام بطريقنا، فحتى لو طرأت أي تغييرات و/أو أي خلل آخر على السوق (إيجابًا أم سلبًا)، لن ننحاز عن هذا الطريق ولن تزعزع هذه التغييرات تركيزنا على الهدف من أجل تحقيقه.

عندما تكون للمصلحة استراتيجيّة واضحة، فإن ذلك يسهّل الطريق والإجراءات اليوميّة أيضًا على العاملين فيها. عندما أعرف كميّة الصفقات التي عليّ أن أعقدها في فترة زمنيّة محدّدة (يوم، أسبوع، شهر)، سأتمكّن من معرفة كميّة عروض الأسعار التي عليّ أن أقدّمها في هذه الفترة الزمنيّة، وكميّة مكالمات الهاتف التي عليّ أن أجريها وكميّة "الزبائن الاحتماليّين" الذين يجب عليّ تجنيدهم من أجل عقد هذه الكميّة من الصفقات.

الأفضليّة الكبرى التي تقدّمها الاستراتيجيّة لكلّ مصلحة (كبيرة كانت أم صغيرة) هي الرؤية الواسعة والنظاميّة التي يمكننا من خلالها إجراء القياسات ودراسة الاعتبارات واتخاذ القرارات بالشكل الأفضل من بين الإمكانيّات المتوفّرة لدينا.

معالجة المشاكل والتغييرات 

هذه الرؤية الواسعة تمكّننا من التغلب على أي مشكلة تواجهنا خلال فترة حياة مصلحتنا / منتجنا / خدمتنا، وتمكّننا أيضًا من معرفة الطريقة الأنسب للحفاظ على النهج الذي حدّدناه للمصلحة.

قد تكون هذه المشاكل نوعان:

1. مشاكل إيجابيّة مثل - الحصول على ميراث كبير غير متوقّع.
2. مشاكل سلبيّة - مثل الحروب، الركود الاقتصادي وما إلى ذلك.
كل واحدة من هذه المشاكل قد يحوّلنا عن اتجاهنا الأساسيّ الذي اخترناه وعن أهدافنا أيضًا. يمكننا التغلب على هذه المشكلة من خلال الاستراتيجيّة. الاستراتيجيّة تمكّننا من استيعاب المشكلة بأكملها، واختبار مدى تأثيرها على المصلحة للأمد القصير والبعيد وإجراء التغييرات والتنسيقات وفقًا لذلك.
أثناء بناء التخطيط الاستراتيجيّ للمصلحة، علينا الأخذ بالاعتبار تأثيرات المستوى الكلّي، أي: الشموليّة، وأيضًا تأثيرات المستوى الجزئي، أي: الخصوصيّة على مصلحتنا التجاريّة.

يتوجّب على كل مصلحة، بغضّ النظر عن حجمها، الأخذ باعتباراتها التأثيرات والتغييرات التي تطرأ على المستوى الكلي وعلى المستوى الجزئي على حدّ سواء. أمثلة على التأثيرات التي يمكن أن تطرأ على المستوى الكلي: 
  • تأثيرات قانونيّة - مثلا: قوانين الهجرة الدوليّة.
  • تأثيرات سياسيّة - الحروب والخلافات بين الدول.
  • تأثيرات اقتصاديّة - انسحاب الدول أو انضمامها للكتل المختلفة.
  • تأثيرات اجتماعيّة - قدوم متطرّفين دينيًا.
  • تأثيرات تكنولوجيّة - تطوير أدوات ومنصّات جديدة.
  • تأثيرات بيئيّة - سنّ أو إلغاء قوانين بيئيّة جديدة.
يمكن أن تكون هناك حالات يسود فيها أكثر من تأثير من التأثيرات المذكورة.

على المستوى الجزئي، التأثيرات التي يمكن أن تطرأ على المصلحة التجاريّة هي (بموجب القوى التنافسيّة الخمس لبورتر):
  • ​قوة مساومة المزوّدين - كلما كان لدينا عدد أقل من مزوّدي المواد الخام، نكون أضعف في التعامل معهم.
  • قوة مساومة الزبائن - كلما كان لدينا عدد أكبر من الزبائن الاحتماليّين، نكون أقوياء في التعامل معهم.
  • ​المنافسون القائمون - تحليلهم واختبارهم. إن معرفة المنافسين القائمين بشكل أعمق تمكّننا من التعامل معهم بشكل أفضل.
  • المنافسون الاحتماليّون - العوامل و/أو الأشخاص القادرون على تزويد منتجنا/خدمتنا و/أو المنتج/الخدمة البديلة.
  • ​المنتجات البديلة - تلك التي يمكنها أن تحلّ مكان منتجنا/خدمتنا في تلبية احتياجات الزبائن. 
إن معرفة كافة هذه التأثيرات والقوى، قبل فتح المصلحة وخلال نشاطها أيضًا (من المفضل مرة كل فترة زمنيّة محدّدة، سنة/سنتين بحسب الحاجة، الإرادة وتحليل الحالة المتغيّرة)، تمكّن صاحب المصلحة من مواجهة هذه التغييرات التي تطرأ على الجهاز الاقتصادي، وتمنع "فوات" فرص السوق التي لا يمكن تعويضها لاحقًا.


ما هي الخطوة التالية؟

لو قمنا بطرح السؤال الأول الذي ذكر في بداية المقال - سنتمكّن من الإجابة عنه بصورة واضحة وسهلة. مثلما قالت القطة لأليس في بلاد العجائب: "إذا لم تعرفي المكان الذي ترغبين بالوصول إليه، فلا يهمّ الطريق الذي ستسلكينه". 
عندما تعرفون المكان الذي ترغبون بالوصول إليه  - ستعرفون عندها ما هي خطوتكم التالية.
عندما تكون الخطة الاستراتيجيّة للمصلحة واضحة ومفهومة لجميع العاملين فيها، ابتداءً من رأس الهرم (المدير العام) وانتهاءً بأصغر موظف، سنتمكّن عندها من استخدام هذه الخطة وتوجيه الجميع إلى نفس الاتجاه الذي رسمناه للمصلحة. عندما يعلم جميع من في المصلحة أن الهدف هو جعل المصلحة شبكة حوانيت خلال 5 سنوات مثلا، سيصبح بإمكان الموظفين الصغار أيضًا اقتراح أماكن لافتتاح فروع جديدة.
مع ذلك، تكمن قوة الاستراتيجيّة في قدرتها على ترجمة ما علينا القيام به بشكل دقيق خلال الشهر، الأسبوع، اليوم والساعة. لا حاجة بأن نسأل جهات خارجيّة حول ما يجب علينا فعله - بل علينا تطبيق استراتيجيّتنا فقط. إن معرفة الهدف النهائي هي الطريق لمعرفة الخطوة التالية!

المصلحة التي لا تملك استراتيجيّة عبارة عن "ورقة في مهبّ الرياح"، إذ يمكن أن تنهار من أيّ خلل يطرأ حتى ولو كان صغيرًا.  


كاتب المقال: آفي أمير، مستشار تجاريّ للمبادرين والشركات ومحاضر للتسويق والمبيعات في مجموعة المختصّين في وكالة المصالح الصغيرة والمتوسّطة. 

 

تُشغل الوكالة باقة من برامج الدعم العملية والمالية لتشجيع المُبادرين وتطوير قطاع الأعمال. تُشغل الوكالة برامج الدعم من خلال شبكة معوف المُنتشرة في جميع أنحاء البلاد