إنشاء مصلحة تجاريّة – نقاط أساسية

تبدأ المرحلة الأولى في وضع خطة العمل. يجب علينا إعداد خطة عمل بأنفسنا أو بمساعدة مصدر خارجي. إن كتابة خطة العمل ينظم لنا سير عمليّة إنشاء المصلحة بأكملها. ما يُكتَب هنا ضروري جدًا. سنستخدم نموذج Canvas، وهو نموذج مختصر وفعال لكتابة خطة العمل، إذ نسأل أنفسنا  - ما هو الأهم؟ الجواب بسيط - لا يوجد ما هو أهمّ، فكل شيء مهم بنفس الدرجة. المصلحة التجاريّة شبيهة بأوركسترا كبيرة تعزف بتناغم، إذ تساهم كل آلة موسيقيّة في كمال معزوفتها. مع ذلك، يجب التركيز في بدء نشاط المصلحة، ومن ثم الاهتمام بجوهر الموضوع وهو التسويق، التسويق ومن ثم التسويق. 

اخترنا المكان/المكتب، أثثناه، اخترنا مدقق حسابات / مستشار ضرائب / مدير حسابات، اخترنا البرمجيّات. والآن يجب علينا ألّا ننشغل ونضيّع الوقت في اختيار لون الأثاث وملاءَمة مكان الطابعة للباب، والتفكير في حجم النصّ على بطاقة الأعمال، رمز المصلحة وما شابه، علمًا بأن لهذه الأمور أهميّة كبيرة، لكنها ليس تلك التي تعود علينا بالفائدة والربح. بتنا نعرف ما الذي سنبيعه (فقد قمنا بدراسة الأمر في الفكرة الأوليّة وخطة العمل)، لكن حان الوقت لأن نعرف - كيف؟ 

فيما يتعلق بالرؤيا، قد يبدو الأمر غريبًا بعض الشيء، لكن يتوجّب على المستفيدين من المصلحة الأخذ بالاعتبار جميع المحيطين بهم: العائلة، الموظفين، المزوّدين، جودة البيئة، المجتمع، سلطات الضرائب. لكي تنجح المصلحة في البقاء لفترات طويلة، يجب أن تكون مجدية للجميع، وليس فقط لأصحاب المصلحة. عندما نعمل جاهدين على بلورة الرؤيا، علينا التفكير فيما سيتبدو عليه المصلحة في المستقبل القريب والبعيد على حدّ سواء.

إلى أين أرغب بالوصول مع المصلحة؟ ما هي النتائج التي تجعلني راضيًا عند تحقيقها؟ يجب عرض الأهداف خطيًا، بشكل مختصر وكمّيّ. لا عيب في عرض الأهداف على الطاولة التي نجلس حولها، مثلا: "هدفنا في هذا العام هو بلوغ دورة تجاريّة بحجم مليون دولار، وزيادة عدد الزبائن حتى 100" - عرض الهدف بشكل مختصر، شفاف، واضح وكمّيّ، وخطيًا فقط وليس شفهيًا أبدًا.

الهدف يجب أن يكبر كل عام بمستوًى معقول وواقعي، وذلك من خلال الجهد الحقيقي المبذول لتحقيقه.

اخترنا المجال. علينا الآن كتابة خطة عمل تشمل كيفيّة القيام بذلك على النحو الصحيح. خطة العمل تشمل جميع الخطوات التي يجدر بنا القيام بها، توقيتها وميزانيتها. خطة العمل المعدّة لمدى أطول من سنة حتى سنتين تسمّى أيضًا خطة استراتيجيّة. علينا اتّباع هذه الخطة وعدم تغييرها بوتيرة متقاربة أو عندما نشعر أنها غير ملائمة أو مريحة. لكن مع ذلك، يجب أن تكون الخطة مرنة بقدر ملائم.

من المهم أن نحلم ونعيش المصلحة التجارية. أيّ أن نحلم أولا، ومن ثم نعمل على تحقيق الحلم.

انتبهوا للعبارات الملهمة التالية: حلم، حبّ، قصة، لعبة. هل لهذه العبارات علاقة بالسلوك التجاري، أم إنها مجرّد عبارات يستخدمها الأطفال؟ بنظري، إن لم تتحقّق هذه الأسس الأربعة، فلا مستقبل للمصلحة التجارية. 

الجميع يتحدّثون عن الربح، الاستيراد، التدفّق المالي، الاستراتيجيّات، ولكن ماذا بشأن جوهر الموضوع؟ يجب أن أحبّ ما أفعل، أن أحلم به ليل نهار. على المصلحة التجارية أن تشعِرنا بالمتعة كلعبة شيّقة نلعبها. لا ننسى القصة التي نرويها عن المصلحة التجارية، تلك القصة التي تجعل أولادنا ينظرون إلينا مشدوهين بعينين برّاقتين. كثيرًا ما نسمع عن مدراء كبار ممّن يتخذون قرارًا بخوض إنجاز تجاريّ أو قبول مرشّح للعمل لمجرّد البريق الخارج من عينيه. 

هناك من يقولون إن الفكاهة في الأعمال ممنوعة، فالمصلحة هي أمر جدّي. وهناك من يقولون إن الفكاهة في الأعمال ممكنة. أعتقد أن الفكاهة في الأعمال هي أمر ضروريّ. أولا، إن لم يكن العمل في المصلحة شيقًا ومضحكًا، إنما يهدف الأرباح فقط (علمًا بأنها هامة جدًا)، فستكون المصلحة بنظري بمستوى أقل مما يمكن أن تكون عليه. الفكاهة والضحك لا يأتيان على حساب الزبائن، لا يهينان أو يؤذيان أي شخص، خاليان من السياسة، من الدين، من النكات الفظّة أو العنصريّة. لا تقلقوا، فهناك ما يكفي من المواضيع التي نتمازح بشأنها. الفكاهة تجلب التفاؤل، والسعادة تساهم في زيادة إنجازات المصلحة. 

يجب أن نسلط تفكيرنا بالأساس إلى زيادة الإيرادات، فهي ما ترفع المصلحة إلى الأعلى. إن الانشغال بالمصروفات يأتي في المرتبة الثانية مهما كانت أهميّته. من أجل زيادة الإيرادات، علينا استخدام جميع الوسائل القانونيّة والأخلاقيّة المتوفّرة لنا: توسيع الدوائر الاجتماعيّة، الجيران، الأصدقاء، الفيسبوك، إنستاغرام، مارميلادا، إتسي، لينكد إن، تويتير. لا يمكن لنا الاختباء وراء لوحة المفاتيح، أي البقاء في العالم الافتراضي. علينا إجراء لقاءات، مؤتمرات وأي شيء قد يساعدنا. يجدر بأولئك الذين سجلوا المصلحة في البداية كمصلحة معفاة، الكفّ عن الاستعانة بوسائل المساعدة المقيِّدة بأسرع وقت ممكن. عليهم تسجيل المصلحة كمصلحة مرخّصة والانطلاق قدمًا. المبلغ الذي يقيّد المصلحة الصغيرة يشكّل قيودًا في اللاوعي ويعيق تطوّر ونموّ المصلحة.

العديد من أصحاب المصالح ينشغلون في بداية طريقهم بلون السيارة، قوّة محركها، مصروفاتها المعترف بها لأغراض الضريبة، ويبذلون طاقة كبيرة من أجل ذلك. أعتقد أن التركيز يجب أن يكون موجهًا، بأكمله أو بمعظمه، إلى كيفيّة زيادة الإيرادات وتحسينها، أي جعلها أكثر ربحيّة وجعل مردودها سريعًا قدر الإمكان.

يمكن القيام بذلك من خلال بحثنا الدائم عن أفضليّتنا النسبيّة في مجال العمل، واختبار كيفيّة مساهمتها في زيادة إيراداتنا. 

"الخدمات الفائقة" - اسم على مسمّى. نصادفها في القليل من الأماكن للأسف، لكنها قيمة مضافة ضروريّة جدًا في الأعمال التجارية، وتعتبَر واجهة كل شيء أحيانًا. الخدمة ليست بالضرورة أمرًا ملموسًا، فيمكن أن تكون مكالمة هاتفيّة، توصية أو أي شيء آخر لم يُذكر من البداية، بل إنها اهتمام ومعاملة. 

قبل إنهاء المقال، ألفت انتباهكم إلى ملاحظة في غاية الأهميّة. سأقولها بلطف بقدر ما أستطيع - المصلحة التي ستؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان العلاقات مع الأشخاص الأقرب إلينا - علينا النظر مجددًا فيما إذا كانت مصلحة كهذه تناسبنا. يجل أن نوفّق ما بين المصلحة والعائلة. الحياة أهمّ من أن نكرّسها كلها للمصلحة التجارية، مهما كانت جيّدة ومربحة. النهج الشموليّ ينطبق في هذه الحالة أيضًا. علينا أن نوفّق ما بين المصلحة والعائلة وجميع من يحيطون بنا. 

كاتب المقال: موشي هداس، مدقق حسابات وم​ستشار تجاري ومالي في مجموعة المختصّين من قِبل وكالة المصالح الصغيرة والمتوسّطة.